تتجه الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للقارة إلى تكريس أطروحة " لعنة الموارد الطبيعية " ، وهذا صحيح كون الثروات والمواد الأولية للقارة غالبا ما تجلب الحروب ، والثراء غير المشروع ، والنهب ، والتدهور المستمر للبيئة المادية والاجتماعية ، وهذا بدلا من توفير الرفاهية لعامة السكان. والحقيقة أن هذه القدرات الطبيعية الضخمة عرضة للأطماع والاستحواذ من قبل القوى والمؤسسات الخارجية ، وهذا بالتواطؤ الفعال مع أقلية محظوظة تحكم البلد.
وباعتباره النموذج المهيمن في إفريقيا ، فإن اقتصاد الريع الذي يرتكز على تصدير خام الموارد الفلاحية والمنجمية ، يوفر معظم المداخيل المالية للبلدان المنتجة ، ومن هنا ، فإن هنا النموذج الريعي يفضي إلى استعمال الثروات بدلا من خلق الثروة ، وبالنتيجة ومع عملية تصنيع لا معنى لها ، من الطبيعي أن تكون نماذج النمو واقعة تحت هيمنة اقتصاد الريع الذي يتحكم في الموارد الطبيعية . فهذه الوضعية تشرح لنا بما فيه الكفاية نقائص التمفصُل وغياب الاندماج بين القطاعات المنتجة ، خاصة تلك الهشاشة التي تميز الاقتصاديات الافريقية ، المعرضة بشكل كبير لتقلبات وتغيرات الظروف الاقتصادية العالمية .
فهذا الفساد والانحراف للديناميكيات الاقتصادية الافريقية ، تحتم علينا بناء اقتصاديات افريقية ذات جدوى وحاملة للنمو ويستفيد منها السكان الأفارقة. وقد اثبتت التجربة بأن الازدهار الاقتصادي المكتسب " بعرق الجبين " هو الوحيد الذي يكون ذا جدوى ويكون مستديما ، لأنه يولّد أولا وقبل كل شيء ، الكفاءات ، ومختلف اشكال التمهين والتدريب ، والمهارات ، وكذا مؤسسات تطيل من عمر هذا الازدهار ، ثم أن ذلك يسمح باقتسام الثمار بشكل عادل .
وهكذا يتعين من الأن الاعلان عن القواعد الملائمة للحوكمة الخاصة بالموارد الطبيعية ، وترقية القطاعات الاستراتيجية كالفلاحة والصناعة لتكون رافدا للتنمية ، إلا أنه يجب منح عناية خاصة للموارد العقارية والهيدروغرافية وكذا تنمية الفروع الخاصة بالصناعة الغذائية .