من أجل إنجاح تنامي قوتها الاقتصادية ، يتعين على إفريقيا أن تنجح في نهضتها الصناعية ، بالارتكاز على قدراتها الزراعية والمنجمية ، التي تشهد تخلفا صريحا اليوم ، مع ابتداع سبل أصيلة للتصنيع تأخذ بعين الاعتبار المحاولات التي أجهضت خلال السنوات الأولى من الاستقلال5 .
فهذه الحتمية من التنمية الصناعية ، يمكن تبريرها بثلاثة أسباب على الأقل وهي: يعتبر الاقتصاد الريعي أولا بأنه اقتصاد قليل الفائدة وغير مفيد للسكان ، ولهذا فهو يعد عاملا محددا للفقر المزمن الذي تشهده المجتمعات الافريقية ، ثم أن وفرة الموارد الطبيعية لم تكن لها الأثر الحاسم من أجل قلب المكانة الهامشية التي تحتلها القارة في المرحلة الحالية من العولمة وعولمة الاقتصاد ، وأخيرا ، فإن نماذج التصنيع في العالم المعاصر والتصورات السائدة في السوق ، ترسخ انعدام العدالة من حول الممتلكات الجماعية ، وتهدد الكرة الأرضية بنهب الموارد الطبيعية ، وتسهم في تفقير الانسان من خلال إنتاج الفقر فقط بالنسبة لأغلبية الناس .
وفي مثل هذا السياق ، يتعين بكل تأكيد ترقية الصناعة والمؤسسة في إفريقيا ، لكن يجب على وجه الخصوص ، إعداد رؤية وصياغة قوانين للسير على هداها ، وصيغ للضبط والتسيير تكون في مستوى التحديات الحالية للمجتمعات الافريقية : العيش والاعتماد على قيم وإسهامات ثقافية ذاتية في عالم تسوده العولمة .
وضمن هذه الغاية ، يجب إعادة تحديد مكانة وكيفية وجود القطاع العمومي في عملية إعادة تأسيس الاقتصاد الافريقي ، وخاصة من أجل ضمان الانشاء الفعلي له وتوزيع الثروات المبنية على الانصاف واحترام المستقبل ، وبناء آليات ضبط جديدة بين القطاع الخاص والمجتمع ، بين الممتلكات الخاصة والممتلكات الجماعية ، بين فضاءات خاصة وفضاءات عمومية ، بين افريقيا وبقية العالم ، وهي تشكل كلها مهام معقدة لكنها ذات طابع استعجالي . فهي تمثل إحدى الرهانات الرئيسية للحوكمة الاقتصادية في افريقيا .